الجمعة 11 رجب 1441 هـ

الموافق 6 مارس 2020 م

 

الحمد لله أهل الحمد والثناء ، المتفرد برداء العظمة والكبرياء، المتوحد بصفات المجد والعلاء،  ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، أيَّد عباده المؤمنين بقوة الصبر على السراء والضراء، والشكر على البلاء والنعماء ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، سيد الأنبياء، صلى الله وسلم عليه وعلى وآله قادة البررة الأتقياء  وأصحابه سادة الأصفياء صلاة وسلاماً لا انقطاع فيهما ولا انقضاء  ولا انصرام ولا فناء..

أمّا بعد: فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى :(وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)

معاشر المسلمين: لقد جعل الله تعالى هذه الدنيا التي نعيش فيها دار بلاء وتمحيص، كما قال تبارك وتعالى: ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلْمَوْتَ وَٱلْحَيَوٰةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفُورُ) وقال سبحانه: (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) ومن سنةُ الله تعالى في خلقه، أن يبتليهم بالخير والشر، والنافع والضار، ليرى صدق إيمان عباده، وشدة توكلهم عليه، وحسن ظنهم به، وتسليمهم الأمر له، وأن ما يقضيه لهم خير مما يتمنونه، وصدق الله العظيم: (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ، وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم (عَجَباً لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ) فمن سلَّم أمره لربه، ورضي بقضائه وقدره، فتح الله له باب الإنابة والتضرع والدعاء، فنال الأجر والثواب، وعجلت له الإجابة عاجلاً أو آجلاً. فكل ما يجري في ملكوت الله بدون استثناء فإنما هو صادر عن أمره، موافق لحكمته ومشيئته ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن.

عباد الله: إن الدنيا دار هم ونكد، وهي مليئة بالحوادث والكوارث والمصائب والأمراض والفواجع، فبينما الإنسان يسعد بقرب عزيز أو حبيب من أب أو أم أو أخ أو أخت أو ولد أو زوجة أو قريب، إذا هو يفجع ويفاجأ بخبر وفاته، وبينما الإنسان في صحة وعافية وسلامة وسعة رزق إذا هو يُفجع ويفاجأ بمرض يكدّر حياته، ويقضي على آماله، أو بضياع ماله وتجارته أو وظيفته التي تذهب معها طموحاته وتفسد عليه آماله ورغباته… إن دوام الحال في هذه الحياة الدنيا من المحال، ولابد أن يعقب الصفو كدر، والفرح ترح، والسعادة هم ونكد، وهيهات هيهات، أنْ تجد من يضحك ولا يبكي، وأنْ ترى من يتنعّم، ولم تنغَّصْ عيشته، أو ترى من يسعدَ ولم ينزل الحزنْ ساحته!.

حُكمُ المَنِيَّةِ في البَرِيَّةِ جاري

ما هَذِهِ الدُنيا بِدار قَرار

بَينا يَرى الإِنسان فيها مُخبِراً

حَتّى يُرى خَبَراً مِنَ الأَخبارِ

طُبِعَت عَلى كدرٍ وَأَنتَ تُريدُها

صَفواً مِنَ الأَقذاءِ وَالأَكدارِ

هكذا هي الدنيا عباد الله وهذه هي أحوالها، فلا ترسو على أمر واحد أبداً، فعجيب والله أمرها، وليس للمؤمن الصادق فيها إلا الصبر على بلائها، فذلكم دواء مكدراتها. ومهما بلغت المصائب بالمؤمن، وإنْ أحزنته وآلمته، فإنها لا يمكن أنْ تهزمه، أو تنال من إيمانه شيئاً، ذلك أنّ إيمانه بالله عز وجل عاصمُه من ذلك، وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً معبراً لهذا المؤمن، فقال:(مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الزَّرْعِ لا تَزَالُ الرِّيحُ تُمِيلُهُ، وَلا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ يُصِيبُهُ الْبَلَاءُ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ كَمَثَلِ شَجَرَةِ الأَرْزِ، لا تَهْتَزُّ حَتَّى تَسْتَحْصِدَ)

أيها المؤمنون: لقد أمرنا الله تعالى بالصبر، وجعله من أسباب نيل عونه ومعيته، فقال عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ). وأكِّد أنّ هذه الحياة محل ابتلاء، فقال: (وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ..) وأخبر تعالى عن حال الصابرين عند المصائب، فقال: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، الَّذِينَ إذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إنَّا لِلَّهِ وَإنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ)، وبشرهم بجزائهم عنده، فقال:(أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) فالصبر يا عباد الله سبب عظيم لبقاء العزيمة عند العبد المؤمن، وسبب دوام بذله وعمله، وبه تُعالج مغاليق الأمور وأفضل العُدَّة الصبر على الشدَّة… عباد الله: وإن من الأمور التي ينبغي علينا أن نسلكها إذا أصيب أحدنا ببلاء وأن نطبقها في حياتنا ما يلي: أولاًـ علينا أنْ نتذكّر دوماً وأبداً قرب زوال الدنيا وسرعة فنائها، وأنه ليس لمخلوق فيها بقاء، وأنّ لها آجالاً منصرمة ومُدداً منقضية، وقد مثَّل الرسول صلى الله عليه وسلم حالَه في الدنيا كراكب سار في يوم صائف، فاستظلَّ تحت شجرة ساعة من نهار، ثم راح وتركها، فتهون علينا المصائب والمحن.

ثانياًـ وعلينا أن نؤمن بقضاء الله وقدره، ونعلم أنّ القدر لا يُردّ ولا يؤجَّل، ونرضى بما يقدره لنا خالقنا، ونسلم أمرنا لمولانا، ونقوي يقيننا عندما نسمع كلام نبينا صلى الله عليه وسلم: (وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ) ونعلم بأنّ الآجال والأرزاق مقرَّرة مقدَّرة والمرء في بطن أمه، كما قال ذلك النبي صلى الله عليه وسلم: (وَكَّلَ اللَّهُ بالرَّحِمِ مَلَكاً، فيَقولُ: أيْ رَبِّ نُطْفَةٌ، أيْ رَبِّ عَلَقَةٌ، أيْ رَبِّ مُضْغَةٌ، فإذا أرادَ اللَّهُ أنْ يَقْضِيَ خَلْقَها، قالَ: أيْ رَبِّ، أذَكَرٌ أمْ أُنْثَى، أشَقِيٌّ أمْ سَعِيدٌ، فَما الرِّزْقُ، فَما الأجَلُ، فيُكْتَبُ كَذلكَ في بَطْنِ أُمِّهِ)

ثالثاًـ وعلينا أن نتذكر حال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففيه عظة وسلوى وعزاء، فقد كانت حياته صلى الله عليه وسلم كلُّها صبراً وجهاداً، فقد وطنه وداره وهذا بلاء في الأموال، وكان في قلة وعدم منعة وهذا بلاء بالخوف، وابتلاه الله تعالى في الأنفس فمات أبواه صغيراً، الأم من بعد الأب، وفي فترة وجيزة مات عمه أبو طالب الذي كان يمنع المشركين من أذاه، وماتت زوجته الوفيّة الصابرة خديجة، ثمّ ماتت بعض بناته، بل وهو في الخمسين مع العمر وعلى أبواب الستين يرزق بابنه إبراهيم، ثم يقبضه الله جل وعلا، وهو صلى الله عليه وسلم صابر محتسب. فلم يزد على أنْ قال وقد دمعت عيناه:( إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ ، وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا ، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ). ومات الكثير من أصحابه الذين أحبَّهم وأحبّوه، فما فَتَّ ذلك في عضُدِه، ولا قلَّل من عزيمته وصبره.

رابعاًـ وعلينا أن نُحْسِن ظنَّنا بربنا، كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رب العزة تبارك وتعالى أنه قال:(أنا عند ظن عبدي بي). فنثق بسعة رحمة الله، وأنّ أقداره الواقعة علينا كلها خير في حقيقة أمرها وإنْ كانت في ظاهرها مصائبَ مكروهةً وموجعةً، مصداقاً لقول الله تعالى: (وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ) وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:(عجباً للمؤمن! لا يقضي الله له شيئاً إلا كان خيراً له)

خامساًـ وعلينا أن نتأسي بغيرنا من أهل المصائب، ونتذكَّر ما هم فيه من البلاء، وننظر إلى من هو أشدّ منا مصيبة، فإنّ ذلك يُذهب الأسى ويخفف الألم، ونتذكَّر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ومَن يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وما أُعْطِيَ أحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ).. سادساًـ وعلينا أن نتذكّر أنّ الابتلاءات والمحن والمصائب من دلائل الفضل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم عندما سئل: أيُّ النَّاسِ أشدُّ بلاءً ؟ قال:  الأنبياءُ ثمَّ الأمثلُ فالأمثلُ ، يُبتلَى المرءُ على حسْبِ دِينِه ، فإن كان دِينُه صُلباً اشتدَّ بلاؤُه،  وإن كان في دِينِه رِقَّةٌ ابتلاه اللهُ على حسْبِ دِينِه، فما يبرَحُ البلاءُ بالعبدِ حتَّى يمشيَ على الأرضِ وما عليه خطيئةٌ) وأنها دليل على محبة الله تعالى، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْماً ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ)

فاتقوا الله عباد الله في أنفسكم، وائتمروا بأمر دينكم وشرعكم فيما يجري عليكم من أنواع المصائب والخطوب والأمراض التي لا يسلم منها أحدٌ، فالناس كلهم ممسوسون بها، ولكنهم يتفاضلون بالمقامات التي يكونون فيها. اللهم أجعلنا من عبادك الصابرين، واجعلنا من عبادك الشاكرين، واجعلنا من عبادك الراضين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

نفعني الله وإيّاكم بالقرآن العظيم، وبهديِ سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيمَ الجليل لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله المنعم على عباده بعظيم آلائه، نحمده سبحانه على تعاقُبِ نعمائه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله، أفضل رسله وخاتم أنبيائه، صلى الله عليه وعلى آله وأزواجه وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن مما يعين أيضاً على الصبر عند المصائب والمحن ما يلي: سابعاًـ على من أصيب بمصيبة أن يكفَّ نفسه عن تذكٌّرها، وتردادها في ذهنه وتجوٌّلها، وأن ينفيَ الخواطر والمهيِّجات إذا مرَّت به، ولا ينمّيها ويعايشها ،فإنها تصير أماني لا نفع منها ولا غنًى وراءها، وأمثال هـذه الأمانـي رؤوس أموال المفاليس لأنّ من مـات لا يعـود، وما قُضي لا يـردّ، وقـد روي عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قوله: (لا تستفزٌّوا الدموع بالتذكٌّر). وممّا يقع فيه كثير ممّن أصيب بفقد حبيب أو قريب أنه يسعى إلى الاحتفاظ ببعض أشـياء الميـت التـي تذكِّـره به في كـل حـين،وهذا خطأ ممـا يحـول دون برء جراحه، ويجدِّد همومه وأحزانه.. ثامناًـ وعليه أن يبتعد عن العزلة، فإنّ الشيطان نعوذ بالله منه يلقي الوساوس في قلبه ليوهن يقينه، ويضعف توكله، وعليه أن يشغل نفسه بما فيه النفع، من قراءة للقرآن والأوراد والأذكار، وأن يجعلها أنيساً له ورفيقاً، فإن الشيطان ينفر ممن يذكر الله تبارك وتعالى.

تاسعاًـ وعليه أيضاً أن يتذكر حُسن الجزاء ليخف حمل البلاء عليه، فإنّ الأجر على قدر المشقة، والصبر على مرارة العاجل يفضي إلى حلاوة الآجل، وإنّ عظم الجزاء مع عظم البلاء. وأن ما أعدّه الله للمبتلَين الصابرين من الأجر والثواب وتكفير السيئات ورفعة الدرجات خير لهم من الدنيا وما فيها.

وإليكما أيٌّها الوالدان المكلومان بفقد الولد وحسبكما به عزاءً وتفريجاً: يقول صلى الله عليه وسلم: (إِذَا ماتَ ولدُ العَبْدِ، قالَ اللهُ لمَلَائِكَتِهِ (وهو أعلم بهم) قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ  فَيَقُولُ: قَبَضْتُم ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ ؟ فَيَقُولُونَ : نَعَمْ . فَيَقُولُ : مَاْذَا قالَ عَبْدِيْ ؟ فَيَقُولُونَ : حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ  فَيَقُولُ اللّهُ  ابْنُوا لِعَبْدِيْ بَيْتاً فِيْ الجَنَّةِ وَسَمُّوهُ بيتَ الحَمْدِ)

بل إن الجنين إذا مات في بطن أمه بعد نفخ الروح فيه، وذلك بعد تمام أربعة أشهر من بداية الحمل، فهو إنسان، وسيبعث يوم القيامة، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن السقط يشفع في أمه يوم القيامة . يقول صلَّى اللهُ عليهِ وسلم (وَالَّذِيْ نَفْسِيْ بِيَدِهِ إِنَّ السِّقْطَ لَيَجُرُّ أُمَّهُ بِسَرَرِهِ إِلَىْ الجَنَّةِ إِذَا احْتَسَبَتْهُ) والسقط : هو الولد ذكراً كان أو أنثى يسقط قبل تمامه وهو مستبين الخلق) وصح في الحديث: عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَباحٍ، قَالَ: قَالَ لِيَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: أَلَا أُرِيَكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ فَقُلْتُ: بَلَى، قَالَ: هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّودَاءُ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِني أُصْرَعُ، وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللهَ تَعَالَى لِي، قَالَ: (إِنْ شِئْتِ صَبَرتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوتُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يُعَافِيَكِ)، فَقَالَتْ: أَصْبِرُ، فَقَالَتْ: إِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللهَ أَنْ لَا أَتَكَشَّفُ، فَدَعَا لَهَا) فاستجاب الله لدعائه عليه السلام.

ووُعِد بالجنة الذي فقد بصره ونور عينيه، فقال عليه الصلاة والسلام:( إنَّ اللَّه تعالى قَالَ:(إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبدِي بحبيبتَيْهِ فَصبَرَ عَوَّضْتُهُ مِنْهُمَا الْجنَّةَ)

نسأل الله تعالى أن يعافي كل مبتلى، ويشفي كل مريض، وأن يجعلنا ممن إذا ابتلي صبر وإذا عوفي شكر، وأن يمن علينا وعليكم بالعفو والعافية في الدنيا والآخرة.

اللهم أحفظنا وبلادنا وبلاد المسلمين من شر الأمراض والأسقام والأوبئة، ما ظهر منها وما بطن، إنك على كل شيء قدير..

اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين، اللهم آمنا في وطننا، وفي خليجنا، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين. اللهم وفق ملكنا ورئيس وزرائه وولي عهده، لما تحب وترضى، وخذ بناصيتهم للبر والتقوى، وهيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة يا ذا الجلال والإكرام. اللهم كن لإخواننا المستضعفين ناصراً ومؤيداً، في كل مكان، اللهم فرج همهم ونفس كربهم، وألف بين قلوبهم، ولا تجعل لعدو ولا طاغية عليهم سبيلا..

اللهم حرر الأقصى من أيدي المعتدين الغاصبين، وارزقنا فيه صلاة طيبة قبل الممات يا رب العالمين..

اللهم فرج الهم عن المهمومين،ونفس الكرب عن المكروبين، واقض الدين عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين.( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.)

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات إنك على كل شيء قدير.. اللهم صل وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين…

عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والإحسان وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ويغفر الله لي ولكم.

      خطبة جامع الفاتح الإسلامي – عدنان بن عبد الله القطان – مملكة البحرين